مقال: د.نايف المقاطي
ترددت قبل أن أكتب هذا المقال ربما لأن الشكوى عندي في معظم الوقت تُعمم ولا تُخصص ، أو لأن صبر اصبعي قد فاض وبدأ يعاجلني القلق على صحة عقلي واستيعابه للأمر الصحيح وللأمر الخاطيء ، ولكنها مشكلة ويجب أن تجد حلا ، وان كان ما أكتب هو أضعف الإيمان فليكن كذلك ، فالحال قد ضاق ذرعا وضاقت مقلة سهرت على دموع مريض حتى سالت مُقلة طبيب كدراً .
الطبيب الذي سأتحدث عنه ، قبل أن يصبح كذلك هو زميل دراسة و صديق بالدرجة الأولى ، قام بإكمال نصابه من الطب في سبع سنوات مضت داخل جامعة حكومية ، قامت مشكورة بتأمين مقعد أحلامه ليراها واقعاً في المستقبل، وصرفت مكافأة امتيازه والتي تقدر بمبلغ 9200 ريال ، أي أن كل ما تم عمله هو بغرض تهيأته ليكون طبيباً آمناً في عمله ، كريماً في عيشه ، بناء على ماتم تحصيله من شهادة تخرج من كلية الطب ، تكفل له مكانة مادية لا بأس بها وإن صح التعبير مكانة ممتازة مقارنة بالسنوات العجاف التي كانت لا تتجاوز المكافأة الشهرية فيها ألف ريال.
هنا ليست المشكلة ، فجميعنا تخرجنا وبدأنا في تحقيق أحلامنا التي انتظرناها ، بدأت مرحلة التقديمات الى البرنامج المحلي للتخصصات الطبية ، وقام صديقي بالتقديم بدايةً لم يتم قبوله و وضع على لائحة الإحتياط ، حتى انتهى الجميع من عملية التقديم ، ومن ثم قاموا بالإتصال تمهيداً لقبوله ولكن في مناطق معينة تبعد عن مكة قرابة 400 كم ، لم يناقش وقام بشد رحلته البطوطية ناشداً حلماً بدأ بالغليان والتبخر في غيوم الحقيقة ، كان العائق توفير راعي لبرنامجه ليتم شرط قبوله وتدريبه في إحدى تلك المستشفيات ، وذلك حسب معرفتي البسيطة يكون صعباً ويحتوي على الكثير من المنعطفات التي تفاجئه في نهاية الأمر بطريق مسدود.
ولله الحمد تم قبوله في منطقة مكة المكرمة ، ولكن بشرط بخيل للغاية ، وهو اكمال التدريب بالمنشأة بدون راتب يتم صرفه ، والمحاولة في فرصة الحصول على مكافأة بسيطة لا تتجاوز 3000 ريال ، والتي الى تاريخ كتابتي لهذا المقال لم تصرف ، ربما تتسائلون لم كل هذا التعقيد ، و ذلك لأنه وبمشيئة الله ، يملك صديقي نصف الجينات السعودية من أمه ، و أب متوفى في رحمة الله ، لا يملك الجنسية ، بالرغم أنه وكما ذكرت آنفاً أن حكومتنا الرشيدة لم تقصر في قبوله ابتداء للإلتحاق بدراسة الطب وتهيئته ليخدم في ثرى هذه البلد الكريمة.
مضى على بداية البرنامج تسعة شهور ، مضت من أيامه كأنها دهور ، عمل ومناوبات شاقة و طاقم عمل سيء في تعليمه ، ممتازٌ في استغلاله ، هل يعقل أن يكمل قرابة العام في برنامج تخصصي ، ولا يملك قوت يومه وراتبه الشهري ؟ ، هل يوجد انسان يقول بأن ما يحدث له أمرٌ طبيعي ولا يستحق الذهول ؟ ، الحلم في يده يتبخر من عرق تعبه ، والكدر في عينيه يحكي قصة كرامة تكاد أن تسقط في فوّهة الحاجة ، حتى دعته الديون أن يقوم بالتفكير في ترك البرنامج ، والعمل في مستشفى خاص ، أو عيادة خاصة تصرف له على الأقل ما يكفيه.
هذه القضية تائهة في أيدي الحقيقة الواضحة لكل من لديه فكر سليم ، طبيب ولد في هذا البلد لأم سعودية ، نشأ هنا بعيداً عن جنسيته الأم ، ولم يزر قط الدولة التي ينتمي اليها ، يتحدث العربية بل السعودية بطلاقة ، أتم دراسته وتخرج لينصدم بالواقع المرير ، الذي يصرخ في وجهه ويقول لا نملك قراراً ينصفك ، ولو على الأقل لنصفك لدمك السعودي الذي تملكه، يا سعادة من تقرؤون ما الحل فيما ترون ، هل نرتع في نعمة ، وصديقنا يستحقها مثلنا ، أم نحاول أن نصرف الحلول شيكات بدون رصيد ، لك الله يا صديق ، لن تخيب دعوةٌ في جنح الظلام ، الى الكريم المنان ، بأن يتعدل الحال و يتحقق المحال ، لكَ الله.
انا عملت طبيبا متدربا في فرنسا, ولانني غير فرنسي, لا يحق لي العمل, لكن النظام يقول ايضا, انه لا يجوز العمل سخرة(بدون اجر), وهذا ما برر ان يصرف لي اجر خلال عملي التدريبي بالمستشفى.
بالمقابل, ابني من ام سعودية, عمل خمس سنوات تدريب الاختصاص في مستشفيات المملكة, بدون اجر, اكثر من عشر ساعات يوميا, ومناوبات كل 3 ايام, كان خلالها يستلم مصروفه مني, ويصرف على مواصلاته للعمل الذي كان يتفانى فيه, بينما زملاؤه كانو يتقاضون عشرين الف ريال ويزيد.
بعد الصبر من الله عليه بحصوله على التخصص والحمد لله.
الخلاصة, انه لا يجوز العمل سخرة بدون اجر, ولو كان تدريبا, مهما كانت الجنسية.
وكماااااااااااان طالبين نقل كفالة مع اني على كفالة الوالدة -_-
كما حدث لي تمااااما الفارق انني طب مختبر وأكملت سنة ونصف كعمل تطوعي بلا مقابل … والحمدلله